مدونة ميسرة عفيفي

مدونة شخصية

الاثنين، 25 فبراير 2019

حوار مع جريدة العربي الجديد

حوار لي مع جريدة العربي الجديد

الرابط



البورتريه للفنانة أنهار سالم

تقف هذه الزاوية مع مترجِمين عرب في مشاغلهم الترجمية وأحوال الترجمة إلى اللغة العربية اليوم. "الترجمة من اليابانية إلى العربية قليلة جداً سواء مباشرة أو وسيطة"، يقول المترجم المصري في حديثه لـ"العربي الجديد" مشيراً إلى عوائق عدّة فرضت هذه الوضعية.

■ كيف بدأت حكايتك مع الترجمة؟
بدأت بشكل غير متعمّد، إذ لم أكن أنوي أن أصبح مترجماً أدبياً. في عام 1999، صدرت رواية "الكسوف" للكاتب كيئتشرو هيرانو وصاحبت صدورها ضجة كبرى في اليابان لمحتواها واللغة التي كُتبت بها رغم صغر سنّ مؤلفها الذي أصبح وقتها أصغر من يحصل على جائزة أكوتاغاوا الأدبية العريقة. كنت مهتماً بتلك الأخبار، فإذا بزوجتي تهدي لي تلك الرواية لأقرأها وكنت وقتها طريح الفراش لمدة أسبوع في مستشفى لإجراء جراحة بسيطة. عندما بدأت القراءة اكتشفت سبب الضجة التي أحدثتها الرواية، فاللغة التي كُتبت بها ليست اللغة المعتادة بل هي لغة قديمة لا يستطيع اليابانيون قراءتها بسهولة، وبالتالي لم أستطع أنا قراءتها. خضت تحدّي قراءة هذه الرواية بالاستعانة بالمعاجم والقواميس. وأثناء ذلك خطرت لي فكرة ترجمتها للعربية ونشرها. استغرق الأمر 15 عاماً لكي ترى النور فقد نُشرت في عام 2014 عن "المركز القومي للترجمة" في مصر. لكن خلال عشرين عاماً من ذلك التاريخ كنت قد ترجمت عشرين كتاباً نُشر منها أربعة حتى الآن وأحاول نشر البقية تباعاً.

■ ما هي آخر الترجمات التي نشرتها، وماذا تترجم الآن؟
آخر ما ظهر لي هو مجموعة قصص قصيرة باسم "رسوب" لأربعة من عمالقة الأدب الياباني: سوسيكي ناتسوميه وأوغاي موري وريونوسكيه أكوتاغاوا وأوسامو دازاي. صدر الكتاب في الكويت بالتعاون مع "مؤسسة ترجمان". حالياً، أجهّز للنشر أحدث روايات الكاتب هاروكي موراكامي بعنوان "مقتل قائد كتيبة الفرسان" (اسم مؤقت)، وسوف يصدر قريباً عن "دار الآداب" في جزأين متتابعين بإجمالي 1050 صفحة تقريباً ليكون العمل الأطول الذي ترجمته حتى الآن. ويُذكر أن هذه الرواية ستكون أولى روايات موراكامي التي تترجم من اللغة اليابانية إلى اللغة العربية مباشرة. كانت كل أعماله السابقة تُنشر من خلال لغة وسيطة.

■ ما هي، برأيك، أبرز العقبات في وجه المترجم العربي؟
العقبات كثيرة وأهمها بالنسبة لي عدم وجود العمل المؤسسي في الترجمة والاعتماد على الجهد الفردي وهو في النهاية محدود مقارنة بما يمكن إنجازه إن تحوّل العمل في الترجمة إلى جهد مؤسسي كبير. وهناك عقبة أخرى أمام المترجمين الشباب وهو ضعف العائد المادي الذي يجعل من الصعب على المترجم التفرّغ تماماً للترجمة.

■ هناك قول بأن المترجم العربي لا يعترف بدور المحرِّر، هل ثمة من يحرّر ترجماتك بعد الانتهاء منها؟
على العكس أنا من أشد المتحمّسين لوجود محرّر للعمل. وأحاول بكل جهدي أن أتعاون مع المحرّرين لإخراج النص في أفضل شكل. وتعاونت حتى الآن مع أكثر من محرّر وأعتقد أن العلاقة كانت ممتازة بيننا. وأتمنى أن تنتشر ظاهرة وجود المحرّر ليس فقط بالنسبة للأعمال المترجمة ولكن أيضاً للأعمال الأصيلة باللغة العربية حيث إن وجود المحرّر مهم جداً حتى للكاتب الذي يكتب بلغته.

■ كيف هي علاقتك مع الناشر، ولا سيما في مسألة اختيار العناوين المترجمة؟
ما زلت في بدايتي ولم أتعامل إلا مع عدد محدود من الناشرين. كل الكتب التي ترجمتها، أترجمها بناء على اختياري الشخصي ثم أعرضها على الناشر فيقبل أو يرفض. ولم تسمح طبيعة اللغة اليابانية بحدوث العكس حتى الآن.

■ هل هناك اعتبارات سياسية لاختيارك للأعمال التي تترجمها، وإلى أي درجة تتوقف عند الطرح السياسي للمادة المترجمة أو لمواقف الكاتب السياسية؟
لم يحدث حتى الآن صدام سياسي بيني وبين صاحب النص الأصلي. وعلى الأغلب لن يحدث لأنني كما قلت أترجم ما أختاره أنا بنفسي. ولكن إن حدث مستقبلاً فأنا في الأول والآخر مترجم ينقل ما هو مكتوب بأمانة بقدر طاقتي واستطاعتي. وإن كان ثمة ضرورة لتوضيح سأضعه في الهامش على أن يتولى غيري مهمة الرد على الكاتب وتفنيد آرائه السياسية.

■ كيف هي علاقتك مع الكاتب الذي تترجم له؟
كما ذكرتُ، بدأت تجربة الترجمة مع كيئتشيرو هيرانو، وبعد التعاقد على أول رواية "الكسوف" تواصلت معه عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتقابلنا ونحن الآن أصدقاء وأعضاء في ناد أدبي اسمه "نادي إييداباشي الأدبي"، حيث نعقد اجتماعات دورية ونقوم بنشاطات أدبية مختلفة. وكذلك عندما قرّرت ترجمة هاروكي موراكامي حرصت على محاولة لقائه وقابلته لمدة ساعة وتناقشنا في أهمية أن تبدأ ترجمة أعماله مباشرة بعد أن كانت تترجم كلها عن الإنكليزية وكان هذا اللقاء هو السبب الرئيس في بداية مشروع ترجمة أعماله مباشرة للغة العربية، وأعتقد أنني سأستمر في ترجمة أعماله تباعاً خاصة التي لم تنشر بالعربية بعد. وهكذا ترى أنني حريص على التقرّب من الكاتب الذي أترجم له إن كان ذلك متاحاً. وإقامتي في اليابان تسهل لي ذلك إلى حد بعيد.

■ كثيراً ما يكون المترجم العربي كاتباً، صاحب إنتاج أو صاحب أسلوب في ترجمته، كيف هي العلاقة بين الكاتب والمترجم في داخلك؟
أنا شخصياً، وكما ذكرت، بدأت الترجمة صدفة. ولا أعتقد أنني فكرتُ يوماً في أن أكون مترجماً أو كاتباً ولكن جاء الأمر قدرياً. وحتى الآن أعاني من عدم تأقلمي مع الترجمة أو الكتابة، وأعتبر أنني متطفل على هذا المجال.

■ كيف تنظر إلى جوائز الترجمة العربية على قلّتها؟
الجوائز الأدبية بصفة عامة حديث ذو شجون. وجوائز الترجمة العربية بشكل خاص. يتطلب الأمر إعادة التفكير فيه بشكل كامل، إذ ينبغي أن يكون الهدف الأساسي منها المساهمة في نشر الكتب وتشجيع القراءة ونشر العلم والمعرفة. ورأيي الشخصي أن المساهمة في عملية نشر وإصدار الكتب وتسهيل الحصول عليها لقطاع أكبر له الأولوية الأكبر من تخصيص مبالغ خرافية يحصل عليها أفراد قلائل ولا يعود ذلك بالنفع على المجال كله.

■ الترجمة عربياً في الغالب مشاريع مترجمين أفراد، كيف تنظر إلى مشاريع الترجمة المؤسساتية وما الذي ينقصها برأيك؟
للأسف فإن اطلاعي على مشاريع الترجمة المؤسساتية حالياً غير كاف للحكم. وإن كنت أرى كما ذكرت أن الترجمة المؤسساتية هي ما ينقصنا ويجب أن نبذل جهداً أكثر في هذا المجال. والترجمة المؤسساتية ليست إنشاء مؤسسة تحمل اسم "مؤسسة للترجمة" وينتهي أمرها لأن تكون مجرد دار نشر متخصّصة في الكتب المترجمة فقط. يبدأ العمل المؤسسي من إعداد المترجم وتدريبه ومن ثم اختيار أهداف عليا للترجمة توضع لها خطط طويلة المدى وقصيرة المدى لتحقيقها.

■ ما هي المبادئ أو القواعد التي تسير وفقها كمترجم، وهل لك عادات معينة في الترجمة؟
الترجمات من اللغة اليابانية قليلة جداً، حتى لو أضفنا تلك التي تُرجمت من لغات وسيطة. ولذا فالقاعدة الأولى بالنسبة لي في الوقت الحالي هو ألا أترجم إلا الجديد وأن أبتعد بقدر الإمكان عن ترجمة ما تُرجم للغة العربية. ثم القاعدة الثانية أن يكون اختيار العناوين التي أترجمها نابعاً منّي أنا وليس بناء على طلب من أحد. أما عادتي في الترجمة فأن أبدأ بترجمة أولية سريعة تكون مليئة بعلامات استفهام كثيرة تشير إلى الكلمات الصعبة والمصطلحات المتخصصة، ثم أبدأ بعد ذلك في البحث عن تلك الكلمات وأحصل على مسودة أقوم بمراجعتها على النص الأصلي لأحصل على ترجمة حرفية للنص، فأقوم بتعديل الصياغة للابتعاد عن الحرفية وتقريب النص من أن يكون نصاً عربياً أصيلاً، ثم في النهاية أقوم بالمراجعة اللغوية لتعديل الأخطاء النحوية والإملائية بقدر استطاعتي ثم أقوم بقراءة النص قراءة أخيرة "للتفنيش". ثم بعد ذلك أسلم النص للناشر وتبدأ عملية المراجعة مع المحرّر والمدقق.

■ كتاب أو نص ندمت على ترجمته ولماذا؟
لم يحدث أن ندمت على ترجمة شيء. حتى وإن لم يُنشر العمل فترجمة أي عمل تضيف للمترجم خبرة وتصقل صنعته.

■ ما الذي تتمناه للترجمة إلى اللغة العربية وما هو حلمك كمترجم؟
الترجمة من اللغة اليابانية إلى اللغة العربية قليلة جداً سواء مباشرة أو وسيطة. فلن تزيد الأعمال المترجمة بنوعيها عن مئتي عنوان وإن بالغنا في العدد لن يصل إلى ثلاثمئة عنوان في كامل تاريخ اللغتين. ولك أن تعرف أن اليابان أصدرت في الثلاثين عاماً الأخيرة مليون ونصف مليون عنوان لا يعرف العالم عنها إلا أقل القليل، وحسب الإحصائيات فإن الترجمة من اللغة اليابانية إلى كل لغات العالم لم تصل إلى نسبة اثنين في المئة من تلك الكمية المهولة الصادرة. أتمنى أن أشارك ولو بجهد يسير في نقل تلك المعرفة إلى اللغة العربية.

بطاقة
مترجم مصري من مواليد القاهرة، ذهب إلى اليابان للدراسة عام 1996 وعمل لاحقاً مترجماً بين اللغتين. ترجم إلى العربية أبحاثاً ومقالات وأعمالاً أدبية، منها: "حكاية قمر" (التنوير) و"الكسوف" (المركز القومي للترجمة) لـ كيئتشيرو هيرانو، و"الإوزة البرية" (دار الكرمة) لـ أوغاي موري، و"رسوب" (مختارات لكتّاب يابانيين)، وتصدر قريباً ترجمته لـ"مقتل قائد كتيبة الفرسان" لـ هاروكي موراكامي عن "دار الآداب".



هارتفيلد مرة أخرى*

هاروكي موراكامي

ليس في نيتي القول إنني لو لم أتعرّف على الروائي ديرك هارتفيلد فإنني لم أكن لأكتب روايات بتاتاً. ولكنني أعتقد أنه في تلك الحالة من المؤكد أني كنت سأسلك طريقاً مختلفة تماماً عن التي سرت فيها حتى الآن.
عندما كنت طالباً في المرحلة الثانوية، سبق لي أن اشتريت كمية من كتب هارتفيلد ذات الطبعة الشعبية، كانت موضوعة في مكتبة بيع كتب قديمة في مدينة كوبيه تركها على ما يبدو بحار أجنبي. كان سعر الواحد منها خمسين ين. لم أكن لأظن مطلقاً أنها كتب ما لم تكن موضوعة في مكتبة لبيع الكتب. كانت الأغلفة بالغة الزركشة قد نُزعت تقريباً وتغير لون الصفحات إلى اللون البرتقالي. على الأرجح أنها عبرت المحيط الهادئ وهي موضوعة كما هي فوق سرير بحار من الطبقة الدنيا في سفينة بضائع أو مدمرة بحرية، ثم جاءت من زمان بعيد جداً لتوضع فوق مكتبي.
بعد عدد من السنوات ذهبتُ إلى أميركا. كانت رحلة قصيرة لزيارة قبر هارتفيلد فقط. أخبرني بموقع المقبرة توماس ماكلير الباحث المتحمّس (والوحيد) لأعمال هارتفيلد من خلال خطاب أرسله لي. كتب لي قائلاً: "إنه قبر بارتفاع كعب حذاء حريمي عالٍ. كن على حذر من الفشل في العثور عليه".
ركبت باص غريهاوند الذي يشبه تابوتاً عملاقاً من نيويورك، ووصلت إلى تلك البلدة الصغيرة في ولاية أوهايو في الساعة السابعة صباحاً. لم ينزل راكب واحد في تلك البلدة غيري. كانت المقبرة تقع في مكان يغطيه مرعى حشائش. كانت المقابر أوسع من البلدة ذاتها. فوق رأسي كان عدد من طيور القنبرة تطير صانعة شكل دائرة وهي تغني أغنية الرحيل.
بحثتُ عن قبر هارتفيلد لمدة ساعة كاملة حتى عثرتُ عليه. توجّهتُ إلى القبر بعد أن التقطتُ حفنة من الورود البرية المتربة النابتة في المراعي حول المقبرة ووضعتها على القبر، لامستُ كفيَّ تجاه القبر، ثم جلست أدخّن سيجارة. تحت أشعة الشمس اللينة لشهر مايو، أحسست بالراحة والسلام النفسي الذي يشبه تماماً الحياة والموت. رقدت على ظهري وأغمضتُ عيني، وظللت لساعات طويلة أسمع أغاني العصافير.
لقد بدأت هذه الرواية في مكان مثل هذا. ثم لم أكن أنا أيضاً أعلم إلى أين ستصل؟
يقول هارتفيلد: "إن قارنا بتعقيد الفضاء، فإن عالمنا هذا يشبه مخ الدودة".
تمنيت أنا أن يكون الأمر كذلك.
في النهاية أذكر أنني في ما يتعلق بما سجلته عن هارتفيلد فقد اقتبست كثيراً من العمل الذي ألفه ماكلير سابق الذكر والذي بُذل فيه جهد مضنٍ: "أسطورة النجوم العقيمة" (1968) فله مني كل الشكر.
(مايو 1979)

* خاتمة أول روايات هاروكي موراكامي "اسمع أغنية الريح"، والتي انتهى من ترجمتها مؤخراً عن اليابانية ميسرة عفيفي 
ميسرة عفيفي at 9:06 م ليست هناك تعليقات:
مشاركة

الأحد، 10 فبراير 2019

عَلتْ الرّياحُ تأليف: تاتسو هوري ترجمة: ميسرة عفيفي



عَلتْ الرّياحُ
 تأليف: تاتسو هوري

ترجمة: ميسرة عفيفي



Le vent se lève, il faut tenter de vivre.
PAUL VALÉRY
(عَلتْ الرّياحُ، لنحاول أن نحيا)
پول ڤاليري
  
تمهيد

 كنتُ دائما في تلك الأيام من الصيف، أرقدُ تحت ظل شجرة قضبان بيضاء بجانبكِ وأنتِ واقفة ترسمين بحماس لوحة لذلك المنظر الذي تملأ سطحه فيه أعشاب السُهوب اليابانية. ثم في الغروب، عندما تنهين عملك، تأتي بجانبي فيضع كل منا يده على كتف الآخر ونظل لفترة من الوقت نتطلع إلى الأفق البعيد الذي تغطيه كتل من الغيوم العالية التي اصطبغت حوافها فقط بلونٍ أرجواني. كما لو أن ذلك الأفق الذي أوشك أخيرا على الغروب، سيلدُ شيئا ما ...

في ظهيرة أحد تلك الأيام (يوم اقترب فيه الخريف بالفعل)، تركنا اللوحة الباقية التي لم تنتهِ من المرة الماضية كما هي معلقة فوق حامل اللوحات، ونمنا تحت ظل شجرة القضبان البيضاء نأكل بعض الفاكهة. كانت تجوب السماء غيوم تشبه الرمال الناعمة. وقتها عَلَت فجأة رياحٌ من حيث لا ندري. وبسببها كان لون السماء الأزرق البادي من بين أوراق الشجر فوق رأسينا يتمدد تارة وينكمش تارة أخرى. ثم تقريبا في نفس الوقت، سمعنا صوت شيء يسقط أمامنا من وسط العشب. ويبدو أن ذلك كان صوت اللوحة وحاملها اللتين تركناهما هناك. أمسكتُ بك عنوة عندما حاولتِ النهوض على الفور، مخافة أن أفقد هذه اللحظات، فلبثتِ بجواري دون أن تبعدي عني. تاركة لي حرية فعل ما أحب.

"عَلتْ الرّياحُ ... لنحاول أن نحيا"

كررتُ بيت الشعر هذا الذي طرق شفتيّ وخرج منهما فجأة وأنا أضعُ يدي على كتفك المستند عليَّ. ثم بعد ذلك نظرتِ أخيرا ناحيتي ووقفتِ. التصقت الأعشاب على كامل سطح قماش اللوحة الذي لم يكن قد جف تماما. بعد أن أصلحتِ من وضع القائم واللوحة قلتِ وأنتِ تُزيلين تلك الأعشاب التي تبدو صعبة الإزالة بسكين الرسم:
"آه، ... لو رآنا أبي على هذا الحال"
ثم نظرتِ ناحيتي وابتسمتِ ابتسامة غامضة.

"بعد يومين أو ثلاثة أيام سيأتي أبي"
قلتِ ذلك فجأة في صباح أحد الأيام، عندما كنا هائمون داخل الغابة. سكتتُ أنا بنوع من التبرم. وعندها نظرتِ ناحيتي وأنتِ تقولين بصوتٍ به قليلٌ من البحّة:
"وإن حدث ذلك فلن نستطيع بعدها القيام بمثل هذه النُزهات"
"نستطيع القيام بأية نزهة، إذا كانت لدينا الرغبة في فعل ذلك"
كنتُ ما زلتُ أُبدي التبرم، وأنا أشعر أن نظراتكِ التي تحاول مراعاة شعوري، تملأني، ولكنني كنت بلا داعي مأخوذا بصخب أفرع الأشجار التي فوقنا أكثر مما يجب.
"إن أبي لا يتركني بسهولة"
رددتُ لك النظر بعيون تبدو وكأنها قد نفذ صبرها أخيرا وقلتُ:
"أتقولين إن ذلك فراقُ بيننا؟"
"ألا ترى أنني ليس بيدي حيلة؟"
قلتِ ذلك وأنتِ تحاولين بكل جهدك إظهار الابتسام لي دليلا على استسلامك التام. آه يا للون وجهكِ وقتها، ويا للون شفتيكِ كذلك اللتين كانوا في غاية الشحوب!
"تُرى ما الذي جعلكِ تتغيرين هكذا؟ رغم أنه بدا أنك تعتمدين عليَّ تماما في كل أمر ..." قلتُ ذلك وأنا أُظهر أنني فكرتُ عميقا في الأمر، وأنا أترككِ تسبقينني قليلا مُظهرا بكل جهدي صعوبة السير في الطريق الجبلية الضيقة التي بدأت تظهر فيها بتسارع الجذور العارية متدحرجة. في ذلك المكان كانت الأشجار تبدو كثيفة، والجو باردا للغاية. وتجري بعض الجداول المائية هنا وهناك. وفجأة التمعت الفكرة التالية داخل رأسي. مثلما أطعتِ أنتِ بهذا الشكل شخصا مثلي قابلتيه صدفة في هذا الصيف لا بل أكثر من ذلك بكثير، أليس أنتِ مستسلمة بتلقائية تامة لأبيك، وكل سلطة مرتبطة به مضافة إليه وتتحكم فيكِ بلا توقف. ... {سِتْسُكو! إذا كنتِ بهذه الصفة فمن المؤكد أنني سأحبكِ أكثر وأكثر. إذا اتضحت لي معالم معيشتي بشكل حاسم أكثر من ذلك، فسأذهب لآخذك أي كان الأمر، وحتى يحدث ذلك فلا بأس أن تظلي كما أنت الآن في كنف أبيكِ} مسكتُ يدكِ فجأة كما لو أنني أطلب منك موافقة على ذلك وأنا أقول هذا الكلام لنفسي فقط. وتركتِ أنت تلك اليد لي كما هي، وهكذا توقفنا أمام أحد الجداول ونحن عاقدين يدينا كما هما، واصلنا الصمت، نتأمل بمشاعر مؤلمة نوعا، أشعة الشمس التي تتخطى الأشجار القصيرة التي لا حصر لأفرعها المتداخلة ثم تغطس من بين فراغاتها لتسقط على شكل نقاط دائرية، نتأمل تلك الأشعة المتسربة من بين فراغات الأشجار التي تصل إلى هناك وهي تتحرك مهتزة على أثر نسائم رياح تكاد تكون منعدمة تقريبا عندما تصل إلى هناك في أعماق قاع الجدول الصغير الذي يجري بعمق تحت أقدامنا، وإلى أن يصل فوق نبات السرخس النابت تحته.

في مساء أحد الأيام بعد يومين أو ثلاثة أيام، وجدتك في المطعم، أنت وأبيك الذي جاء لاستقبالك. كنتِ توليني ظهرك بشكل يبدو جافا. كانت حركاتكِ وهيئتك التي تأخذينها على الأغلب دون وعي منك أثناء وجودك بجوار والدك، تجعلني أحس بأنك فتاة صغيرة لم يسبق لي أن رأيتها من قبل على الإطلاق.
همستُ لنفسي قائلا: {حتى إن ناديتُ عليها باسمها ... فإنها من المؤكد أنها لا تلتفت إليّ وستواصل حديثها بشكل طبيعي. تماما كما لو أنها ليست الشخص الذي ناديته ...}
في تلك الليلة، بعد عودتي من النزهة المملة التي خرجتُ إليها، بقيت لبعض الوقت أتسكع داخل حديقة الفندق التي لا يوجد بها أثر لبشر. يفوح عطر زهور الزنبق الذهبية. كنتُ أحملق شاردا في نوافذ غرف الفندق الاثنتين أو الثلاث التي تتسرب منها الإضاءة. بدا أن الضباب على وشك الانتشار قليلا. فانطفأت أنوار الغرف واحدة بعد أخرى وكأنها تخاف من حدوث ذلك. ثم أخيرا غرق الفندق بأكمله في ظلام حالك، ولكن سمعتُ صوت صرير وفُتحتْ إحدى النوافذ ببطء. ثم استندتْ على حافة النافذة طويلا فتاة صغيرة ترتدي ما يبدو عليه منامة لونها وردي. كانت تلك هي أنتِ ...

أستطيع حتى الآن أن أستعيد بوضوح ذكرى شعور ذلك الحزن الذي يشبه السعادة والذي ظل قلبي منقبضا به يوما بعد يوم بعد رحيلكما.
كنتُ قد أغلقت عليَّ باب غرفتي في الفندق طوال اليوم لا أغادرها. ثم انشغلتُ لوقت طويل في إنجاز عملي الذي أهملته تماما من أجلك. استطعتُ أن اندمج في العمل تماما في هدوء لدرجة لم أستطع أنا نفسي تخيلها. وأثناء ذلك كان كل شيء قد تغير إلى فصل آخر. وأخيرا عندما جاءت الليلة التي تسبق مغادرتي، خرجتُ من الفندق في نزهة بعد غياب طويل.
كانت فوضى عارمة وكأن الخريف قد ضل طريقه داخل الغابة. ظهرت للأمام بلكونات ڤيلات المنتجعات الخالية تماما من البشر من بين الأشجار التي تناقصت أوراقها بدرجة كبيرة. واختلطت رائحة رطبة لفطريات متنوعة مع رائحة الأوراق الساقطة. أحسستُ بشيء من الغرابة لتغير الفصول بهذه الدرجة غير المتوقعة، ولمرور الوقت لهذه الدرجة بعد فراقنا بدون أشعر به. كان ثمة شيء داخل قلبي، يشبه اليقين من أن ابتعادي عنك هو مجرد أمر طارئ ومؤقت، تُرى هل من أجل ذلك أصبح حتى تغير الزمن هكذا يحمل لي معانٍ مختلفة تماما عما كانت عليه للآن؟ ... بدأتُ أفكر شاردا في ذلك الأمر حتى تأكدتُ منه بوضوح بعد ذلك مباشرة.
ثم بعد عشر وبضع دقائق من ذلك، وبعد أن انتهيتُ من التنزه في إحدى الغابات، انفتح المنظر أمامي فجأة، واستطعت النظر إلى المكان بأكمله حتى خط الأفق البعيد، ودخلتُ بقدميّ وسط غابة حشائش السُهوب النابتة في المراعي البرية. ثم رقدت بجسمي تحت ظل شجرة قضبان أبيض بدأت أوراقها بالفعل في التلون باللون الأصفر كانت بجانبي. كان ذلك المكان هو نفسه الذي كنتُ أرقد عليه في أيام الصيف تلك، أتأملك وأنتِ ترسمين. في ذلك الوقت كانت غيوم متراكمة دائما ما تحجب أغلب منطقة خط الأفق، ولكن الآن تظهر بوضوح حواف سلسلة الجبال البعيدة التي لا أعرف موقعها وهي تفرق قمة حشائش السُهوب التي تهز أطراف سنابلها شديدة البياض.
وأثناء ما كنت أحدّق في سلسلة الجبال البعيدة تلك، مركزا كل قوتي في عينيّ لدرجة أنني كدتُ أحفظها جميعا، تدريجيا بدأتْ الطبيعة تجعل اليقين المؤكد الذي اكتشفته مؤخرا، ذلك اليقين الذي كان مختفيا داخل وعيي حتى الآن، اليقين الذي وصل إلى القمة يطفو واضحا على سطح وعيي. ...





الربيع

جاء شهر مارس. وفي ظهيرة أحد الأيام، زرتُ منزل سِتْسُكو متظاهرا أني مررت عليهم صدفة استغلالا لخروجي في نزهتي الدائمة التي بلا هدف. وقتها رأيت والدها عند منطقة الأشجار التي على جانب من الحديقة بعد البوابة مباشرة يرتدي قبعة من قش كبيرة التي يرتديها العمال في العادة ويمسك مقصا في إحدى يديه، ويقوم بتقليم وتنسيق أفرع الشجرة. وعندما رأيته بحالته تلك، أزحتُ أغصان الشجر مثل طفل صغير واقتربتُ منه، وبعد أن حييته بكلمة أو كلمتين، أخذتُ أتأمل ما يفعله وكأنني أرى شيئا نادرا. ... وبهذا الشكل بإدخال جسدي في وسط مرج الزرع، كان شيء ما أبيض يطلق شعاعا من وقت لآخر أعلى أفرع الأشجار هنا وهناك. كان جميع ذلك على ما يبدو براعم الزهور ...
فجأة نظر الأب إلى أعلى ناحيتي وتحدث عن سِتْسُكو التي كنت قد خطبتها وقتها لتوي قائلا: "على ما يبدو أن صحتها تحسّنت صحتها كثيرا مؤخرا. إن أصبحت أكثر مرحا من الآن أفكر في أن أنقلها لمكان آخر، ما رأيك؟"
قلتُ مغمغما: "ربما يكون ذلك أفضل ..." وأنا ما زلت مهتما بأحد البراعم التي تتلألأ منذ قليل أمام عيني.
استمر الأب في الحديث دون أن يأبه بي قائلا: "أننا نبحث عن مكان مناسب من فترة. ويبدو أن سِتْسُكو تفضل مصحة <ف>. وسمعت أنك تعرف مدير تلك المصحة هل هذا صحيح؟"
"أجل" قلتُ ذلك وأنا شاردا وأخيرا جذبتُ بيدي الفرع الذي يحمل البرعم الأبيض التي اكتشفته منذ قليل.
"ولكن تُرى هل تستطيع سِتْسُكو الذهاب إلى هناك بمفردها؟"
"يبدو أن الجميع يذهبون إلى هناك بمفردهم"
"ولكنها لا تستطيع الذهاب لوحدها، أليس كذلك؟"
قال الأب ذلك بملامح وجه متأزم ولكنه لم ينظر نحوي بوجهه، بل قص بالمقص فجأة أحد أغصان الشجرة الذي كان أمام عينه. وعندما رأيت ذلك فقدتُ في النهاية قدرتي على التحمّل ودون وعي مني أجريتُ فمي الكلمات التي لا يبدو أن الأب ينتظر غيرها.
"إذا كان الأمر كذلك هل لي أن أذهب معها؟ حيث أنني سأستطيع إنهاء العمل الذي أقوم به حاليا، حتى ذلك الوقت..."
وأنا أقول ذلك أخيرا تركتُ من يدي مرة أخرى فرع الشجر الملتصق به البرعم الذي كنت قد أمسكته بيدي لتوي. وفي نفس الوقت رأيت وجه الأب يصير مشرقا فجأة. "لو فعلتَ ذلك لنا سيكون أفضل الحلول. ... ولكن يجب أعتذر لك بشدة ..."
"لا مطلقا، بل ربما أمكنني العمل أفضل في وسط الجبل والهدوء"
بعد ذلك واصلنا الحديث معا عن تفاصيل المنطقة الجبلية التي تقع بها المصحة. ولكن تحول محتوى الحديث على حين غرة إلى نوع الأشجار التي يقوم بتقليمها الآن. وبدا أن نوعا من التعاطف الذي يشعر به أحدانا تجاه الآخر، هو الذي أشعل فتيل الحماس في ذلك الحوار الذي لا يتوقف. ...
وبعد فترة من الوقت سألتُه محاولا أن يكون سؤالا تلقائيا غير متعمد: "تُرى هل استيقظت سِتْسُكو من النوم؟"
قال الأب: "حسنا استيقظت. ... تفضل، لا مانع أن تدخل من هنا إلى هناك ..." ثم أشار باليد التي يمسك بها المقص إلى جهة باب الحديقة المؤدي لداخل البيت. تخطيت الزرع بصعوبة، ثم فتحتُ عنوة ذلك الباب لأن نبات اللبلاب كان مشتبكا به لدرجة جعلته صعب الفتح قليلا، ودلفتُ من الحديقة مقتربا من غرفة المريضة المنفصلة التي كانت تُستخدم حتى ذلك الوقت مرسما.
كانت سِتْسُكو على ما يبدو تعلم منذ وقت طويل بوصولي، ويبدو أنها لم تتوقع دخولي كما فعلت من باب الحديقة مباشرة بتلك الطريقة، كانت ترتدي المنامة وتضع لفاعا بلون فاتح فوق جسمها. ترقد على الأريكة وتعبث بقبعة نسائية ملصق بها أنشوطة رفيعة لم يسبق لي رؤيتها من قبل.
اقتربتُ أنا منها وأنا أنظر إلى هيئتها تلك من خلال الباب الفرنسي. ويبدو أنها عرفت أخيرا بدخولي. وبدون وعي حاولتْ أن تنهض من النوم. ولكنها ظلت كما هي راقدة على جنبها وأظهرت لي ابتسامة بها قليل من الحيرة ووجهها كما هو يتجه إليّ.
قلتُ لها وأنا أخلع حذائي عند باب الحديقة بشكل فوضوي: "أكنتِ مستيقظة؟"
"لقد حاولت النهوض قليلا ولكنني تعبتُ سريعا"
وهي تقول ذلك ألقت بالقبعة التي كانت تلهو بها بعشوائية فوق منضدة المرآة التي بجوارها مباشرة بحركة يد ضعيفة توضح إلى أي مدى هي في غاية الإرهاق. ولكن لم تصل القبعة إلى ذلك المكان ووقعت فوق الأرض. اقتربتُ من تلك القبعة وانحنيت حتى كاد وجهي أن يلتصق بقدمها تقريبا والتقطتُ القبعة وهذه المرة أخذتُ ألهو بها بيدي كما كانت تفعل هي منذ قليل.
وبعد ذلك سألتُها أخيرا:
"لماذا أخرجتِ فجأة هذه القبعة وماذا كنتِ تفعلين بها؟"
"هذه القبعة! أتعلم! إن والدي اشتراها لي بالأمس رغم أنني لا أعلم متى يمكن أن أرتديها. ... ألا ترى أنه والد غريب الأطوار؟"
"هل هذه من اختيار الوالد؟ إنه حقا والد رائع. ... أريها لي! هل يمكن أن ترتديها لبرهة؟" وحاولتُ مازحا أن أضع القبعة على رأسها.
قالت: "لا! لا أريد ..."
ولكي تتفادى القبعة نهضت منزعجة بنصف جسدها الأعلى. أظهرت ابتسامة تنم على الضعف وهي تقول تلك الحجة، ثم بدأت في إصلاح شعرها الذي تشعّث وكأنها تذكرت فجأة، بيدها التي تبرز نحافتها الشديدة واضحة، ومع ذلك كانت حركة يدها تلقائية تدل على أنها فتاة صغيرة. ولقد جعلتني حركة اليد التي تبدو تلقائيا حركة يد فتاة ومع ذلك بلا أي تكلّف، أشعرُ بجاذبية شاعرية لدرجة أن تهتاج أنفاسي وكأنها بدأت في مداعبتي بتلك الحركة. وهكذا لم أستطع وقتها إلا أن أبعد نظري عنها بلا وعي ...
وأخيرا عندما وضعتُ بهدوء القبعة التي كنتُ ألهو بها بيدي حتى ذلك الوقت، فوق منضدة المرآة التي توجد على الجنب، صمتُ فجأة وكأنني بدأت أفكر في أمر ما، وكذلك ظللتُ أتلافى النظر إليها وهي على ذلك الحال.
سألتني فجأة: "هل غضبتَ؟"
وهي تنظر إلى أعلى تجاه وجهي ويبدو عليها مراعاة مشاعري.
قلتُ وأنا أنظر ناحيتها أخيرا: "لا ليس الأمر كذلك" وبعد ذلك بدون استكمال الحديث أو أي شيء آخر، قلت فجأة ما يلي: "هل حقا تنوين الذهاب إلى المصحة؟ لقد قال والدك ذلك لي منذ قليل"
"أجل. فمهما بقيت على حالتي تلك لن أعرف متى يأتي الشفاء. أنا مستعدة للذهاب إلى أي مكان إن كانت صحتي ستتحسن سريعا. ولكن ..."
"ماذا حدث؟ ماذا كنتِ تنوين قوله؟"
"لا شيء. لا عليك"
"حتى لو كان لا شيء جربي أن تقوليه لي. ... لن تقولي مهما حدث، أليس كذلك؟ حسنا هل أقوله أنا لكِ؟ أنت كنت تريدين القول تعال معي، أليس كذلك؟"
"لا ليس كذلك" ثم قامت فجأة بمحاولة مقاطعة كلامي.
ولكني لم أبالِ بذلك وبنبرة تختلف عن البداية، وأكملت قولي بشكل يبدو قلقا نوعا ما وبدأت تدريجيا أصير أكثر جدية.
"... لا، حتى لو قلتِ لي لا تذهب فأنا مع ذلك سأذهب معكِ. ولكن لقد شعرت قليلا بذلك، وقلقت من ذلك. ... قبل أن نكون هكذا معا، كنتُ أحلم بالذهاب والعيش مع فتاة لطيفة وظريفة نحن الاثنان بمفردنا في جبل موحش ومهجور نوعا ما. تُرى ألم يسبق لي أن قلتُ لك هذا الحلم من قبل؟ هل تتذكرين حديثنا في ذلك الكوخ الجبلي، عندما قلت ألا يمكن أن نعيش معا وسط هذا الجبل؟ ألا تتذكرين؟ وقتها ضحكتِ في براءة طفولية. ... في الواقع سبب قولي إنني سأذهب معكِ إلى المصحة، أنني أعتقد أن ذلك سيجعل قلبك يتأثر تدريجيا بلا وعي ولا معرفة. ... أليس الأمر كذلك؟"
كانت تسمع إلى ذلك صامتة وهي تبذل جهدا في البقاء مبتسمة، وقالت بحزم:
"أنا لا أتذكر أي شيء من ذلك"
ثم بعد ذلك كانت على العكس تنظر هي لي بنظرات مشفقة وهي تقول:
"أنت مؤخرا تفكر في أمور مستحيلة تماما ..."
وبعد مرور دقائق، رجعت ملامحنا وكأنه لم تكن بيننا أي شيء، وظهر سديم الحرارة هنا وهناك بعد أن صارت الحشائش بالفعل خضراء للغاية خلف الباب ذي المصراعين، فأخذنا نتأملها معا بتعجب.

⁂

ميسرة عفيفي at 8:01 م ليست هناك تعليقات:
مشاركة
‹
›
الصفحة الرئيسية
عرض إصدار الويب

من أنا

ميسرة عفيفي
عرض الملف الشخصي الكامل الخاص بي
يتم التشغيل بواسطة Blogger.