قراءة في كتاب
"مفاكهة الخلان في رحلة اليابان"
بقلم : ميسرة عفيفي
صدر كتاب "مفاكهة
الخلان في رحلة اليابان" للكاتب والروائي يوسف القعيد عن دار الشروق بالقاهرة
للمرة الأولى عام 2001. ويقع في 317 صفحة من القطع الكبير.
يحكي فيه الكاتب عن
رحلته في بلاد الشمس المشرقة مدعواً من قِبَل الحكومة اليابانية ممثلة في مؤسسة
تدعى "مؤسسة اليابان" هي الذراع الثقافي لوزارة الخارجية كما يقول
الكاتب في الصفحة الثامنة من الكتاب في المقدمة التي أراد لها اسم "المصافحة
الأولى". فترة الزيارة هي أسبوعان اثنان فقط لاغير. أقول ذلك لأن أول انطباع
أخذته من الكتاب هو قدرة الكاتب على كتابة اثنين وثلاثين فصلاً إضافةً إلى المقدمة
والخاتمة في ما إجماله 317 صفحة من القطع الكبير كما ذكرنا، عن بلد لم يقم فيها
إلا 14 يوماً بالتمام والكمال بعد خصم يومي السفر ذهاباً وإياباً. لكن لن نندهش
إذا علمنا أنه وصل إلى طوكيو وبدأ الكلام عنها في الفصل الرابع الذي يبدأ من
الصفحة رقم 60 من الكتاب. أي أن الأستاذ يوسف القعيد استهلك 60 صفحة كاملة لكي
يحكي لنا عن الظروف والملابسات التي أدت إلى السفر إلى اليابان ثم عن الطريق من
القاهرة إلى طوكيو.
ما علينا نعود إلى الكتاب
الذي يصنف ضمن كتب الرحلات، وكتب الرحلات من الكتب ذات الأهمية الكبرى في أصناف
الكتابة الأدبية. وأرى أن أي منها له أهداف عديدة يريد الكاتب أن يحققها من تسجيل
تجربته في كتاب. لعل أهم هذه الأهداف هي
أولاً تعريف جانب عريض من القراء بمكان لم تتح لهم فرصة زيارته وذلك
بإعطاءهم كمية كبيرة من المعلومات والانطباعات عن البلد محور الزيارة أو الرحلة.
وتكون هذه المعلومات في شكل شيق وجذاب لكي يسهل استيعابها من القارئ. أمّا القارئ
الذي يقتني كتاباً يحكي عن رحلة لبلدٍ ما فله أيضاً أهدافه التي يبغي تحقيقها من
قراءة الكتاب، مثل الحصول على معلومات وحكايات أو انطباعات عن بلدٍ لم تتح له
الفرصة لزيارتها وربما لن يستطيع زيارته مستقبلاً. وهناك من يقرأ الكتاب لأنه على
موعد لزيارة هذا البلد في المستقبل القريب ويريد معرفة معلومات أكيدة عنه، ومعرفة
تجارب من سبقوه إلى الزيارة. وهناك من زار هذا البلد من قبل بالفعل ويريد من قراءة
الكتاب استرجاع ذكريات سعيدة قضاها فيه. هذا غير المتخصص الذي يحاول قراءة كل ما
يستطيع في مجال تخصصه. هذه بالطبع بعض الأهداف وهناك الكثير والكثير الذي يقال في
هذا المجال.
الكاتب يوسف القعيد
لخص هدفه من هذا الكاتب في مقدمته قائلاً:
" ... وهكذا كان
هذا الكتاب الخارج من رحم الصدمة، وأملى الوحيد أن يُحدث للقارئ نفس هذه الصدمة،
وفى هذه الحالة فقط، أكون قد حققت بعض ما أهدف إليه."
لقد أحدث هذا الكتاب
لي صدمة، لكنها ليست الصدمة التي أرادها كاتبه. يمكنني القول إنها صدمة عكسية
تماماً. فالكتاب يحتوي على كمية هائلة من المعلومات الخاطئة التي لو كلّف الكاتب
نفسه التأكد منها لكان الكتاب من أفضل الكتب التي كُتبت عن اليابان باللغة العربية
خاصة وأن الكاتب، لكونه روائي، يمتاز برشاقة الأسلوب وبلاغة التعبير. وربما يكون
هذا هو الفارق بين الروائي الباحث عن الجمال وبين العالِم الباحث عن التدقيق في كل
ما يقول أو يكتب، فيحاول التأكد من كل معلومة يذكرها ويوثقها إن استطاع من مصدرها
الأصلي.
سبب آخر من أسباب
صدمتي بالكتاب، هو أن الكاتب من أول الكتاب إلى آخره ينعي على المصريين تخلفهم
وتأخرهم عن الركب، ويحاول من خلال جلد الذات (وهي هنا عموم المصريين) أن يستحثهم
على النهوض من أجل اللحاق بالركب وتحسين أحوالهم، إلاّ أنه عند الحديث عن شخصه نجد
الكتاب يحتوي على نرجسية مروعة ونجده يدافع بكل من أوتي من قوة عن أخطاءه وتصرفاته
وعيوبه التي يجعلها من مميزاته وحسناته. ونجده يخصص فصلاً كاملاً بعنوان
"عندما قابلت أبي في جامعة طوكيو" يحكي فيه عن أحد أساتذة الجامعة
اليابانيين الذي يخصص له في مكتبه بالجامعة ملفاّ عنه وعن والده مطعم بالصور له
ولوالده.
طبعاً أنا اتفهم فرحة
الكاتب إنسانياً بوجود صورة والده في أقصى بقاع الأرض. لكن هذا من الممكن أن يكون
موضوع حديث مع صديق في المقهى أو حديث تليفوني مع زميل في العمل.
أمّا أن يخصص لذلك
فصلاً من كتاب فهو كثير. بالمناسبة الجامعة هي جامعة طوكيو للغات الأجنبية وهي
تختلف تماماً عن جامعة طوكيو العريقة التي تعتبر أشهر وأفضل جامعة في اليابان،
ويشار إلى طلابها وخريجيها بالبنان، فما بالنا بأساتذتها. ما علينا كنت أريد أن
أقول إن الكاتب كان عليه التفرقة بين الجامعتين.
الكتاب كما ذكرت بالغ
الضخامة والتعرض له كله في مقالة صغيرة ربما يكون صعباً ولكنها محاولة لقراءة
الكتاب. وسأذكر بعضا من المعلومات الخاطئة التي لفتت نظري فيه مع ملاحظة أنني أعتمد
على نسخة من الطبعة الأولى للكتاب التي ظهرت عام 2001، ولا أدري إن كان تم تعديل
أو تنقيح الكتاب في الطبعات التالية أم لا.
يقول الأستاذ يوسف
القعيد في الصفحة رقم 57 ما يلي:
"قبل أن نصل إلى
المكان الذي كان عبارة ركن صغير كانت هي تبحث عنا. اسمها كريمة موروكا. وموروكا
اسم عائلة أمها واسمها المصرى: كريمة على السمنى، ووالدها جاء إلى اليابان من مصر
وعاش فيها حوالى عشرين عاما، وأنجبها هي وأخت لها، اسمها إيمان واسمها هنا نامه
لأن إيمان من الصعب العثور على نطق يابانى له.
الأب مصرى والأم
يابانية، وقد تعلمَت فى مصر وتخرجت في العام الماضى في كلية الاقتصاد والعلوم
السياسية بجامعة القاهرة، وكان تعليمها قبل الثانوى هنا فى اليابان "طبعا
فالتعليم الجامعي في مصر ببلاش يابلاش" ثم جاءت لتعمل هنا، وقررت أن تكون
يابانية. تعمل مترجمة مستقلة، أى مترجمة ولكنها لا تعمل في أى مؤسسة. هى نفسها
المؤسسة، وعندها في البيت التليفون والفاكس وكل مستلزمات العمل، وتتفق على أى عمل
يطلب منها، وتحدد شروطها غير أنها تكتب عقدا وتسجله في الشهر العقاري. هكذا تسير
الحياة بطريقة آلية تماما."
انتهى الاقتباس من
الكتاب الأصلي. حوالي عشرة أسطر بها العديد من الأخطاء والخطايا!!. أولاً ما قاله
عن اسم إيمان غير صحيح بالمرة فـ "إيمان" من الأسماء القليلة جداً في
اللغة العربية التي تنطق كما هي دون تحريف في النطق. مثله مثل اسم كريمة وربما هذا
هو سبب اختيار الأب هذين الاسمين لبنتيه اللتين شاء القدر لهما العيش بين مصر
واليابان. اسم كاتب الكتاب ينطقه اليابانيون هكذا " يوسوفو الكوأيّدو"
في حين أن إيمان ينطق كما هو "إيمان" واسم كريمة ينطق
"كَريما" أي نفس النطق العربي.
أمّا ما أضحكني هو
كلمة " تكتب عقدا وتسجله في الشهر العقاري" شهر إيه؟ وعقاري إيه؟ ولماذا
يجب توثيق عقد عمل في شهر "عقاري" يبدو أن كاتبنا لا زال متأثراً بالعهد
الناصري والفكر الشمولي الذي حوّل حياة الناس إلى سلسلة لاحد لها من التعقيدات.
في اليابان الأمر أبسط
من ذلك بكثير. فالمترجم الحر يتعامل مع المؤسسات سواء الأهلية أو الحكومية بعقد
شرفي بالكلمة. وفي حالة الحاجة إلى عقد مكتوب، يوقع الطرفين على العقد ويحتفظ
كلاهما بنسخة. ولا يظهر هذا العقد مرة أخرى إلا في حالة واحدة فقط هي لجوء أحد
الطرفين إلى القضاء لحل أي نزاع نشأ بين الطرفين وهي حالة تكاد تكون معدومة في
اليابان. لأن الكل يلتزم بعهوده ووعوده.
أمّا حكاية التعليم
الجامعي في مصر ببلاش يا بلاش التي ذكرها الكاتب فبغض النظر عن الإجحاف وعدم النظر
للأمور في شكلها الصحيح، إلا أني استغرب من الكاتب الذي لا زال (في كتاباته على
الأقل) يشيد بالعهد الناصري وإنجازات العهد الناصري التي من ضمنها بالطبع مجانية
التعليم. أم أنه يرى حرمان أبناء أي مصري عاش فترة بالخارج من مجانية التعليم؟!
لكن ماذا يقول الكاتب
في نفس الكتاب صفحة 168 وصفحة 169 ؟ يقول ما يلي:
"... وكريمة هى
ابنة الدكتور على السمنى. هاجر من مصر في زمن عبد الناصر العظيم، وأتى إلى هنا.
ودرس اللغة لليابانيين وتزوج من يابانية تعمل الآن في السفارة اليابانية فى
القاهرة فى حين أن على السمنى يعيش فى شبرا بالقاهرة.
كريمة تعلمت فى مصر
حتى حصلت على الشهادة الجامعية من جامعة القاهرة. أعتقد من كلية الآداب جامعة
القاهرة من قسم اللغة اليابانية، الذي يعد أقدم قسم يدرس اليابانية في مصر الآن."
ولا تعليق، إلا تأكيد
ما قلت من أن الكاتب ترك لقلمه العنان ليكتب ما يشاء وقتما يشاء دون تدقيق أو
توثيق.
في صفحة 101 يقول :
" إن أى سيارة
بعد اثنى عشر شهرًا من الاستخدام تباع بنصف الثمن الذى بيعت به وهى جديدة، وبعد
الاثنى عشر شهرا الثانية ينزل الثمن الى الربع، وبعد ذلك لا يعادل ثمنها ثمن حذاء،
وبعد خمس سنوات من سنة الإنتاج لا يكون مسموحا بسيرها في الشارع ولا ترخص أصلا،
ومصيرها هو الإلقاء في مقابر السيارات. "
طبعاً منتهى التهريج
والاستخفاف في الدنيا. لم تصل الرفاهية بأي دولة في العالم أن تقنن عدم الترخيص
للسيارات التي تعدي عمرها الخمس سنوات. وفي اليابان بالذات لا يوجد قانون أصلاً
يقيد حركة سير السيارة أو الترخيص لها بناءً على سنة إنتاجها. القانون في اليابان
يفرض على كل سيارة عمل فحص كل سنتين لتجديد الترخيص، وأي سيارة تجتاز هذا الفحص
تستلم الرخصة وتسير في الشوارع مهما كان عمرها. ومن المعروف أن هناك هواة السيارات
العتيقة الذين يركبون سيارات موديل قديم من خمسينات أو ستينات القرن العشرين.
الشائع في اليابان أن الياباني يغير سيارته كل خمس سنوات في المتوسط. لكن هذا ليس
معناه أن كل اليابانيون يشترون سيارة جديدة كل خمس سنوات. التبديل ليس بالضرورى
تبديل جديد بقديم. بل أن سوق السيارات المستعملة في اليابان رائج للغاية. أما
أسعارها فهي بالطبع تقل عن السيارات الجديدة. لكن ليس كما يقول الكاتب وهو يروي
أسطورة من أساطير الرفاهية والبذخ الياباني.
في صفحة107 وما تليها
يقول الكاتب:
"كنا فى جامعة
أوزاكا قبل الموعد المحدد، وفي أوزاكا جامعتان. واحدة حكومية. وهي التى ذهبت
إليها، والأخرى خاصة أقامتها الجمعية البوذية في اليابان."
مرة أخرى يذكر كاتبنا
الهمام معلومات ما أنزل الله بها من سلطان ولا أدرى من أين حصل عليها، فأوزاكا هذه
هي أوساكا ثاني أكبر المدن في اليابان، بها خمسون جامعة بالتمام والكامل، خمس
جامعات حكومية وخمسة وأربعين جامعة خاصة. الحكومية منها ثلاث قومية وواحدة تتبع محافظة أوساكا
والأخيرة تتبع مدينة أوساكا. التي ذهب إليها الكاتب هي جامعة أوساكا للغات
الأجنبية وليست جامعة أوساكا المشهورة وهما الاثنتان قوميتان.
يقول في الصفحة 110
مايلي:
"كل التاكسيات
محدد لها خط سير. وهي جميعها تابعة لشركات كبرى عملاقة ولا تعرف اليابان التاكسى
الفردى الذى يملكه صاحبه. أو التاكسى الذي يملكه إنسان ويحضر سائقا لكى يعمل عليه
لحسابه."
طبعاً كلام في
الهجايص، كما نقول في عاميتنا المصرية الرائعة، لأنه إذا تم تحديد خط سير لسيارات
الأجرة والتاكسيات فسينتفي معناها تماما. أي شخص يفكر بطريقة سليمة يدرك ذلك.
بالتالي لم ولن يحدد اليابانيون خطوط سير لتاكسياتهم لأنهم يفكرون بطريقة عملية
عقلانية وليس بطريقة ميكروباصية على حسب تعبير الدكتور سراج الدين الحلفاوي. طبعاً
يوجد في اليابان شركات عديدة وكبيرة للتاكسيات لكن يبقى العدد الأكبر هو للتاكسيات
الفردية التي يقودها أصحابها أما الذي يملك تاكسي ويحضر له من يعمل عليه، فهو شركة
وإن لم يملك إلا سيارة واحدة أو سيارتين. قلة عدد السيارات أو كثرتها لا علاقة له
الموضوع.
في الصفحة 131 من
الكتاب يقول الكاتب:
"استغرق القطار
ساعتين، وكالعادة فإن معظم القطارات الفاخرة والغالية، ومعظم القطارات هنا فاخرة،
تملكها شركتان، إحداهما صاحبها يعد من أغنى أغنياء العالم، وكل القطارات والمحطات
والعاملين فيها مكتوب عليها جى.آر. وجى هو الحرف الأول من اسم اليابان والحرف الآخر
هو الأول من اسمه."
هذه الفقرة بالذات هي
ما حملتني على كتابة هذه المقالة لتصحيح أخطاء الكتاب. ما ذكر هو قمة الاستهتار
بعقلية القراء. الكاتب معروف عنه أنه ناصري من أشد المعارضين لخصخصة القطاع العام
وهو ما يقوله في هذا الكتاب أيضاً، لكني أعتقد إن زيارة اليابان إذا استغلها
استغلالاً صحيحاً كان من الممكن أن يعثر على حل ما لهذه المعضلة الكبرى، والحل هو
في اليابان. للأسف معلوماتي وعلاقتي بالاقتصاد لا تسمح لي بشرح ما تفعله اليابان
في هذا الخصوص إلا أني أطلب من الجميع النظر إلى التجربة اليابانية في الخصخصة
التي بلغت الذروة، حيث تخلت الحكومة للقطاع عن أغلب الخدمات ومنذ سنوات تم خصخصة
هيئة البريد بعد معارك سياسية وبرلمانية كبرى.
أما حكاية السكك
الحديدية اليابانية باختصار شديد فهي كالتالي: صدر قانون خصخصة هيئة السكك
الحديدية اليابانية في عام 1987 وتحولت إلى سبع شركات مساهمة ولكنها لم تكن خصخصة
فعلية إذ اُنشئت هيئة مستقلة هي التي تملك أسهم جميع هذه الشركات وتدريجياً تم طرح الأسهم للجمهور في سوق طوكيو
للأسهم، ثلاث شركات فقط من السبع شركات هي التي اكتمل بيعها الأولى في عام 2002
والثانية في عام 2004 والثالثة في عام 2006. أما الأربع شركات الأخرى فلا تجد لها
مشترين لوجود بعض الصعوبات الفنية والإدارية. ولنأخذ مثال على إحدى الشركات
المباعة وهي أكبرها شركة "جي آر شرق اليابان" عدد أسهم هذه الشركة يزيد
على الـ 16 مليون سهم يملكه أكثر من 320 ألف مساهم (320483 مالك أسهم) أكبر عشرة
حاملين للأسهم هم عبارة عن شركات تأمين وبنوك ونقابات العاملين في الشركة، مجموع
ما يحمله العشرة الكبار من الأسهم هو 32% من الإجمالي. المركز الأول في قائمة
العشرة يحتله بنك ائتمان ونسبته 6% من مجموع الأسهم.
إن أي شخص يرى على
قطارات اليابان حرفين جى آر JR يتوقع دون أن يسأل أنها تعني
جابان ريل وايز JAPAN
RAILWAYS
سكك حديد
اليابان، وليست اسماً لشخص أيّ كان.
هذا عن هيئة السكك
الحديدية القومية التي تم خصخصتها والمعلومات الواردة حصلت عليها من الموقع الرسمي
لشركة "جي آر شرق اليابان" على شبكة الإنترنت ولم يستغرق الأمر دقائق.
أما شركات القطارات الأخرى فهي الشركات الخاصة التي بدأت من الأصل شركات أهلية
ويسمونها هنا في اليابان شيتتسو بمعنى شركات السكك الحديدية الخاصة، وهي ليست
واحدة أو اثنتان بل عدد هائل في طول اليابان وعرضها. وبعد البحث في الإنترنت وجدتُ
أن عدد الشركات الخاصة المسجلة في اتحاد شركات السكك الحديدية الخاصة هو 71 شركة خاصة.
هذا غير السكك الحديدية التابعة للبلديات والمحليات أي أنها شبه حكومية أو ما
يسموه هنا في اليابان القطاع الثالث.
كنت أود أن يذكر
الكاتب اسم صاحب الشركة الذي يكوّن أحد حرفي الـ جي آر حتى تكتمل النكتة لأن عدم
ذكر الاسم أفسد طمعها حين ذكرتها لمعارفي وقلل ذلك نسبياً من كمية الضحك عليها.
في الصفحة 141 عند
زيارة متحف القنبلة الذرية في مدينة هيروشيما يقول:
"كانت المفاجأة
الأخيرة فى جولتى بالمتحف عندما وصلت إلى المرحلة النهائية، شاهدتُ بالقرب منى
شخصًا ملتحيا له لحية كثيفة، أكثف لحية أراها حتى الآن. ربما جاء الإحساس بكثافتها
الرهيبة، لأننى فى بلاد لم أر فيها شاربا واحدًا منذ حضورى، فالوجوه تلمع كأنها
خارجة لتوها من حمام شعبى.
وياليت الأمر توقف عند
هذا الحد. كان الملتحى يصطحب منقبة معه. نظرت إليهما طويلا، الجلباب الأبيض
والسبحة التي تصل إلى الأرض، والطاقية البيضاء والبلغة السوقي البلدى. كان هذا زى
الملتحى. أما المنقبة فهى قطعة من السواد، كأن الليل نسيها هنا قبل أن يرحل. نظرت
لهما وقلت لنفسى، إن كان أجدادنا قد قالوا: اطلبوا العلم ولو الصين، فها أنذا أقول
إن التطرف والإرهاب ورائي ولو في اليابان."
أريدُ أن اُشهد
القراء. أين التطرف والإرهاب فيما وصفه الكاتب؟ لقد نقلت كل ما كتبه في وصفهما
كلمة كلمة حرف حرف. رجل ملتحي يرتدي جلباباً أبيض ويصطحب معه إمرأة منقبة. أي
إرهاب في ذلك؟ لم يقل لنا إنه شاهدهما يقتلان الناس في المتحف، أو رأى في حوذتهما
قنابل ورشاشات. أم هل رأهما يعترضان الناس ويفرضان عليهم لبس الجلباب والنقاب.
بالله إنه شئ مُحيّر. الكاتب المسلم لا يستحي أن يذكر أنه شاهد أفلام جنسية في
غرفته بالفندق (صفحة 94)، ولا يستحي أن يقول إنه شرب الخمر والويسكي مع فلان وعلان
ساخراً من المترجمة المسلمة التي لم تشاركه في ذلك (صفحة 122). هل هذا هو الإسلام
المعتدل الذي يريده، ومجرد لحية وجلباب ونقاب يصبح إرهاباً وتطرف. لا أدري ماذا
أقول !! لعل القارئ لديه الحكم والقول
المناسب.
في نهاية المقال لى
كلمة أخيرة هي أنني لم أتطرق إلى الأخطاء التي ذكرها الكاتب عند كتابته الأسماء
اليابانية فأخطئ فيها كلها أو أغلبها. لم أتطرق لذلك لأن الكاتب يخطئ حتى في اللغة
العربية ( كما ترون في الأجزاء التي نقلتها كما هي ) التي من المفروض أنها بضاعته
وصنعته التي يبيعها للناس، ويخطئ في الأسماء العربية نفسها، لتصبح قصيدة أحمد فؤاد
نجم التي طارت شهرتها الآفاق تصبح "بقرة حاجة" وليس "بقرة
حاحا".
ولله الأمر من قبل ومن
بعد.