امرأة الخلود
تأليف: ريونوسكيه أكوتاغاوا
ترجمة: ميسرة عفيفي
في الصين، وفي غابر السنين، كان طالب يسكن في
الريف. ولأنها الصين المعروفة، فربما كان يقرأ الكتب طويلا تحت نافذة تطل على زهور خوخ متفتحة. وعندها، كانت تسكن بجوار بيت ذلك الطالب امرأة شابة – بل وهي
امرأة جميلة – بمفردها دون أن يكون عندها خدم. وبالتأكيد كان الطالب يشعر بالتعجب
تجاه تلك المرأة الشابة. لأنه لم يكن أحد يعلم من هي تلك المرأة بالضبط ولا ماذا
تعمل. في مساء أحد أيام الربيع التي بلا رياح، عندما خرج الطالب للخارج فجأة سمع
صوت تلك المرأة الشابة تسب وتلعن. وكان ذلك يُسمع كصوت صاخب مهيب وسط صيحات الديكة
المتكاسلة التي تصدر من مكان ما. ذهب الطالب إلى أمام بيت المرأة ليستطلع الأمر
وهو يفكر تُرى ما الذي يحدث؟ وعندها، وجد تلك المرأة وقد رفعت حاجبها لأعلى تمسك
بتلابيب حطاب عجوز وتكيل له اللكمات في رأسه الأشيب. بل وكان الحطاب العجوز يعتذر
لها ووجهه غارق في الدموع!
قبض الطالب على يد المرأة وحاول تهدئتها بحماس
قائلا:
"ما الذي حدث بحق الجحيم؟ ألا تكُفّي عن ضرب مثل هذا العجوز في شيبته تلك! ... فأولا، ضرب من هو أكبر منك سنا أمر مخالف للأخلاق
الحميدة"
"أكبر مني سنا؟ إن هذا الحطاب يصغرني في
السن"
"لا يجب عليك المزاح!"
"كلا لا أمزح. لأنني أم هذا الحطاب"
أصيب الطالب بالدهشة الشديدة فحملق لا إراديا في
وجه المرأة. كما هو المتوقع كانت المرأة التي أطلقت سراح الخطاب جميلة، ... بل يجب
القول إنها ذات وجه شجاع بحمرة الدم الصحية. ثم قالت دون أن تطرف لها عين:
"أنت لا تدري إلى أي مدى عانيت وتعبت من أجل
ابني هذا. ولكن لا يسمع ابني ما أقوله، ويعيش بأنانية فأصبح عجوزا في
النهاية"
"حسنا ... هذا الحطاب في السبعين تقريبا
من العمر، أليس كذلك؟ إذن فكم يبلغ عمرك أنت التي تقولين إنك أمه؟"
"تسأل عن عمري؟ إن عمري ثلاثة آلاف وستمئة
عاما"
انتبه الطالب مع هذه الكلمات أن جارته الجميلة
كانت من البشر الأبديين. ولكن في ذلك الوقت كانت طلعتها المهيبة قد اختفت في التو
والحال. تاركة الحطاب العجوز كما هو وسط أشعة شمس الربيع المتألقة.
– الشهر الثاني من العام الثاني لعصر شوا –
(فبراير 1927)