بحث في هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 31 مارس 2020

كيمونو تأليف: ريونوسكيه أكوتاغاوا ترجمة ميسرة عفيفي


كيمونو
تأليف: ريونوسكيه أكوتاغاوا
ترجمة ميسرة عفيفي
لقد رأيت الحلم التالي:
كان المكان على ما يبدو مطعما يقدم مختلف الأطعمة. ويجلس عدد كبير من الناس في قاعة واسعة. وكان كل منهم يرتدي ما يعن له من ملابس غربية أو ملابس يابانية.
ولم يكن الأمر مجرد ارتدائهم الملابس بل كان كل منهم يتأمل ملابس الآخرين ويحاول أن يُقيّمها تقييمًا عشوائيًّا.
"إن ثوبك قديم الطراز، ألا يبدو وكأنه أنتيكة من عصر المذهب الطبيعي؟"
"إن كيمونو اليوكي ذلك رائع! فله مذاق إنساني لا يمكن وصفه"
"ما هذا؟ ألا ترى أن المعطف الذي ترتديه لا يُظهر حركاتك؟"
"انظر إلى تلك البذلة المصنوعة من القماش المخطط، إنه نموذج للبرجوازي البائس"
"وَيّ! لقد أدهشتني بارتدائك حزاما يشبه ما يتمنطقه الحكواتي!"
"كما هو متوقع، عندما ترتدي كيمونو أوشيما، تكاد أن تكون من طبقة أبناء منطقة طوكيو الراقية المترفين"
كانوا يتبادلون مثل تلك الأقوال بحماس.
ثم بعد ذلك لمحتُ رجلا نحيفا غريب المنظر يجلس في آخر مقعد. كان ذلك الرجل بكيمونو مريب ملصق به علامة سوداء عتيقة الطراز. ويبدو أن ذلك الكيمونو كان منذ قليل ضحية لمختلف أنواع النقد. وفي التو والحال كان الأستاذ الشاب عمرا الذي يطيل شعر رأسه يجادله قائلا:
"ألا يلعب ذلك الكيمونو كما هي عادته؟"
كان ذلك الأستاذ ولا أدري ما هي نيته، يرتدي زيًّا دينيًّا أبيض وكأنه راهب في جماعة الدومنيكان. ويُقال إن بلزاك كان يرتدي مثل ذلك الزي أثناء عمله. ولكن كان كتفا الرجل الذي يرتديه الآن ليس في حجم كتفي بلزاك العريضين، ولذا كان الرداء يبدو واسعا جدا عليه.
لم يزد الرجل النحيف عن الابتسام ابتسامة متكلّفة وظل جالسا في صمت.
"لا أستطيع التكلم عنك لأنك دائما ترتدي نفس الملابس"
كانت تلك كلمة تقييم ألقاها أحد العظام الأصغر سنًّا، يرتدي كيمونو لا يتضح هل هو من طراز أوشيما أم من طراز مَيْسين. ولكن كيونو ذلك العظيم نفسه، يبدو أنه يرتديه منذ زمن طويل للغاية، فكانت ياقة الكيمونو قد تهرأت من كثرة العرق.
ومع ذلك لم يرد الرجل الذي يرتدي الكيمونو المصنع من الكتان بأية كلمة. وعند النظر لذلك الحال، يبدو لي ذلك الرجل شخصا لا حول له ولا قوة.
ولكن في المرة الثالثة، كما هو متوقع أنزل الرجل الذي يرتدي البذلة ذات الخطوط الواسعة عريضة الكتفين، تقييمه وهو يبتسم في سخرية مع بعض التعاطف قائلا:
"لماذا لا ترتدي الكيمونو الذي كنت ترتديه المرة السابقة؟ إنك بذلك تعود القهقري لما كنت عليه في الماضي، ولكن كيمونو الكتان هذا لائقا عليك إلى حد ما. أرجو منكم جميعا أن تتذكروه عندما جاء وقد بدّل ملابسه. ثم أرجو منكم أن تشجعوه على أن يبدل ملابسه من الآن فصاعدا"
كان ثمة اتجاه من بين الجمع الحاشد يعطيه صيحات التشجيع "هيا، هيا"، وفي جانب آخر اتجاه بالغضب القائل: "يجب الأخذ عليه بيد من حديد، لا يجب أن يسود سلوك مدح الأصدقاء"
أخيرا غادر الرجل النحيف القاعة في عجلة وهو يحك رأسه بيده. ثم عاد إلى بيته ذي الطابقين رديء التهوية في الضواحي.
في ذلك البيت تتدلى أنواع متعددة من الكيمونو معلقة في الطابقين السفلي والعلوي من أجل التهوية. ولمع شيء اعتقدتُ أنه قشر جلد ثعبان أو ما شابه، فإذا به درع مصفح وواقي حديدي.
جلس الرجل النحيف في ذلك الكيمونو، متربعا بكبرياء وعدم مبالاة، ثم بدأ ينفث دخان تبغه في سكينة تامة.
وأظن أنه قال شيئا وقتها، ولكن للأسف الشديد لا أتذكر ما قال بعد أن استيقظتُ الآن. إنه لمن عظيم أسفي أن أنسى تلك الجملة التي قالها رغم كتابتي حكاية ذلك الحلم.


ليست هناك تعليقات: